"عرائس السكر".. حلوى تونسية تشيع الأمل بسنة هجرية جديدة

 

   "عرائس السكر" صناعة دأب عليها سكان مدينة نابل شرقي تونس ولازالوا متشبثين بها منذ عقود، حتى أصبحت إحدى أبرز مظاهر الاحتفاء برأس السنة الهجرية.
وفي رأس السنة الهجرية تزدان شوارع المدينة وأسواقها "بعرائس السكر" التي يعرضها الباعة بحلل بهيّة، وأحجام مختلفة، وألوان زاهية يعرض الباعة "عرائس السكر"، وهي عبارة عن دمى مصنوعة من السكر والحلوى.
ويعد سكان نابل أيضا لهذه المناسبة ما يسمونه "بمثرد رأس السنة" وهو عبارة عن إناء كبير مصنوع من الفخار يخصص لوضع الحلوى وتتوسطه "عروس السكر".
كما اعتادوا تزيين موائد رأس السنة الهجرية بالحلوى و"بعرائس السكر" اعتقادا منهم أن ذلك سيجعل من السنة القادمة أحلى من سابقاتها.
وتتخذ "عرائس السكر" أشكالا ومجسمات مختلفة مثل أبطال الأفلام والمسلسلات الكرتونية وحيوانات وغيرها وتلون بعدة الوان.
**عادة ضاربة في القدم
وتعد "عرائس السكر" من تراث مدينة نابل حيث تعود صناعتها إلى منتصف القرن 19 حين أخذها السكان المحليين عن الإيطاليين الذّين سكنوا المدينة حينها.

وتذكر كتب التّاريخ أن أكثر من 100 ألف إيطالي وصلوا إلى شواطئ تونس بعد أن انطلقوا في قوارب من سواحل بلادهم بين القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.



وجاء ذلك بعد استفحال البؤس والفقر المدقع في الجنوب الإيطالي وارتفاع البطالة، فركبوا القوارب من جزيرة بانتيليريا متّجهين جنوبا إلى تونس بحثا عن العمل والرزق وهربا من البأس والجوع والحاجة.
ومع مرور الزمن أصبح تحضير "عرائس السكر" مهنة موسمية تزدهر مع اقتراب راس السنة وتنتعش بها أسواق نابل وتمثل مورد رزق الكثيرين .
رفيق الكعايكي يمارس هذه المهنة منذ 40 سنة ورثها عن شخص آخر من مدينة نابل أيضا تعلمها بدوره عن إيطالي قادم من جزيرة صقلية في بدايات القرن الماضي.



ويقول الكعايكي للأناضول بينما كان في معمله الخاص بصناعة "عرائس السكر": "أجيال كثيرة توارثت هذه المهنة التي أصبحت عادة سنوية تميز محافظة نابل التونسية"، مشيرا إلى "مشاركته سابقا في عدة مهرجانات وحصوله على جوائز".
ويضيف الكعايكي: "يتطلب إعداد عرائس السكر 10 أطنان من مادة السكر وذلك حتى نتمكن من الاستجابة لكافة الطلبيات".



ويستدرك بالقول إنّ "فقدان مادة السكر من السوق التونسية خلال هذه الفترة مثل عائقا أمامنا واضطرنا إلى شراء أكياس سكر بضعف أسعارها الأصلية".
وتشهد السوق التونسية خلال هذه الأشهر، غيابا لمادة السكر المدعم الموجه للاستهلاك العائلي.
وبحسب مسؤولين في وزارة التجارة، فإن تونس "غيرت وجهة شراء مادة السكر من البرازيل إلى الهند بسبب عزوف البرازيل عن بيع السكر للبلدان الإفريقية وتوجيهه للبلدان الأوروبية".
ويتحدث الكعايكي عن طريقة صنع هذه الحلوى قائلا: " تجهز في البداية قوالب من مادّة الجبس عند شخص متخصص في صناعتها ويتم إحضار القوالب وفق شخصيات معروفة كرتونية وغيرها، كما تعد حسب ما يطلبه الزبائن أيضا ويتم فيما بعد تبريدها قبيل وضع الخليط فيها".
ويضيف: " يتم إعداد خليط المكون من مادة السكر المذوب ومادة روح القارص (حامض الليمون) وهي التي ستساعد فيما بعد في تجميد السكر وتشكيل المجسم المطلوب، وبعد نحو ثلاث دقائق يفك المجسم من القالب ونمر إلى عملية التزيين".
ويردف الكعايكي "هنا تأتي مهمة أروى (ابنته) التي تعمل في ورشة أبيها بعملية تزيين المجسمات وتغليفها بأغلفة شفافة حتى تصبح جاهزة للعرض والبيع".
وتقول أروى للأناضول: "ورثت حب هذه المهنة عن والدي .. كنت صغيرة حينها وكنت كثيرا ما أكون بجانبه وأراقب مختلف مراحل صناعة العرائس."
وتضيف أروى : "يستوجب إعداد الطلبيات استعدادا لرأس السنة الهجرية شهرين من العمل في المعمل الذي يعد من أبرز المعامل المتخصصة في هذه الصناعة بمدينة نابل".
** هدية للمحبين
"عروسة السكر" هدية يحبها الكبار والصغار وتقدم هدية بمناسبة رأس السنة الهجرية وتوضع في مثرد (إناء فخاري) لتتزين بها الموائد.
ويقول الكعايكي: "هناك من يقتنيها بمناسبة الخطبة أو يقدمها هدية لخطيبته بمناسبة راس السنة الهجرية فيتم حينها وضعها في مثرد كبير وتزين بأشكال مختلفة من الحلويات كما توضع فيه أموال يقدّمها الشاب لخطيبته".
ورأس السنة الهجرية هو اليوم الذي ينتظر فيه المسلمون اليوم الأول من شهر المحرم، وهو بداية التقويم الإسلامي.

0/Post a Comment/Comments