قل للشهيد بمناسبة الذّكرى



اليوم تعاودنا ذكرى سقوط العشرات من أحرار تونس في الطرقات والساحات العامّة ، وهم يواجهون أعتى الدكتاتوريات وأفسد النّظم الاستئصالية التي  أقامت شرعيتها على كِذبة  " التصدّي  للإرهاب " ، وابتزاز المواطن في هويته وفي ثروة بلاده ، ومن  أوكد الواجبات ومن أقدس الحقوق  أن  نُحييَ هذه الذكرى باعتزاز وخشوع أمام  تلك التضحيات ، ويُشرّفُني  أن تكون رسالتي اليومَ موجّهة لفرسان الشهادة الذين جادوا بأرواحهم في سبيل أن يستعيدَ التونسيون وطنهم وكرامتهم بين الأمم ، وبناء عليه  أقول  لكلّ شهيد سقى هذه الأرض بدمائه الزّكية ما يلي :
v   دماؤك ستبقى أمانة  في عنق كل فرد ينتمي إلى هذا الوطن وستنتقل تلك الأمانة إلى الأجيال القادمة لِتبقى ذكراك ما بقِيت السماوات والأرض .
v  استماتتك  وصمودك في الساحات قَطَعَ رأس الأفعى الذي تدحرج  إلى الرّبع الخالي ، ولكن  اكتشفنا بعدك أنّ الحيّة متعدّدة الرؤوس ، وهاهي تعود برأس أخرى أشدّ دهاء وأقدر على الصمود والكمون أمام رياح التحرّر .
v  بعدَك ، سيّدي الشهيد ، أعطتنا  النّخبةُ في مخاض  عسير دستورا  فصوله ميّتة لا يُعيد إليها الحياة إلا من هو في حاجة لتبرير وصوله إلى رأس السلطة .
v   بعدك ، سيّدي ،  اُطلِقَ  سراح اللصوص وزبانية التعذيب وأساطين الفساد ، وأودِع بعض الأحرار من محترفي التدوين زنازين السجون .
v  بعدك  ، صار إعلام النفاق والتضليل سيفا بتّارا في وجه الأحرار ، يحمي الأفعى ويكيل الاتهامات لنسور الحرّية .
v  بعدك ، صار الوطن مرتعا للعصابات ، فانتشرت الجريمة وخيّم الإرهاب الشّبَحُ ، نرى الضّحايا  من أبناء الوطن ولا نجدُ أثرا  للمجرمين ، ولسان الحال يقول : أدخلتنا أطراف داخلية وخارجية في صراع مع عدوّ لا جسم له  ولا هوية ولا وجود .
v  بعدك ، تركنا  العمل ، وركن جميعنا  للكسل ، لا يعمل الواحد منّا أكثر من ثلاث دقائق في اليوم ، وتكدّست المزابل في أحيائنا وأزقّتنا ، وكدنا نحوّل الوطن إلى مزبلة .
v  بعدك سيدي الشهيد ، توقّف الإنتاج أو كاد يتوقف ، فالطرقات قطعناها ومناجم الفسفاط أغلقناها  ،والإدارات  أهملناها ، وعمّت الفوضى ،وتطاول " الرّاقص  التّافه "  على الوزير ، وتطاولت النقابات على قادة البلاد ، وتدحرج الدينار إلى أدنى قيمة حتى صار لايعدل علبة حليب .
v  بعدك حطّمنا الرقم القياسي في الإضرابات ، فقد حقّقت  نقاباتنا 35  ألف  إضراب في ظرف وجيز جدا .

سيدي الشهيد ، ما حزّ في النفس كثيرا  هو  أنّنا  عجزنا على مقاضاة  قاتليك حتى صارت قضيتك  معلّقة بمجهول فتفرّقَ دمُك على القبائل ، ولكنّ أحرار  البلاد متمسّكون بكشف الحقيقة والمحاسبة قبل أي مصالحة ، وبالمناسبة أجدّد ترحّمي على شهداء تونس  ، وستكون الحرية أكبر شهيد  إن فقدناها

 بقلم: شادلي الجدّي

0/Post a Comment/Comments