الإسلاميون يتصدرون المشهد السياسي في تونس

فسحت الثورة التونسية المجال للانفتاح السياسي، ما مكّن حزب الإسلاميين الذي كان محظورا فيما مضى من دخول الساحة السياسية من أوسع أبوابها.

وكان زعيمها راشد الغنوشي من أبرز المستفيدين من الثورة، حيث عاد إلى بلده من المنفى ليقود حركة النهضة إلى الفوز بانتخابات المجلس التأسيسي الأحد 23 أكتوبر.

ومع أن الرأي العام سُرعان ما تأقلم مع حضور الغنوشي وآرائه المعتدلة، تزداد المخاوف إزاء المتطرفين خاصة في الحركة السلفية التي لا تخفي حضورها علنا وتسعى إلى كسب النفوذ بعد أن ولّى عهد بن علي.

وإذا ما قورنت بالمعارضة التقليدية والطبقة السياسية الجديدة التي تصارع لتجد مكانها، يحظى الإسلاميون بعدة امتيازات تتراوح بين خبرتهم في حشد الجماهير إلى استخدام المساجد كمنابر لنشر أفكارهم.

‎وفي استعراض للقوة، نزل الإسلاميون إلى الشارع مطلع أكتوبر للتنديد ببث قناة نسمة لفيلم رسوم متحركة يجسد الذات الإلهية.

أما السلفيون ورغم منع حزبهم حزب التحرير من المشاركة في الانتخابات، فلا يزال الأمل يحذوهم لوضع بصمتهم في الساحة السياسية. وفي خطبة الجمعة 21 أكتوبر بمسجد الفتح، أحد معاقل السلفيين التونسيين، خصص الإمام كل الخطبة للوضع السياسي والانتخابات وحث المصلين على التصويت بكثافة ومنح أصواتهم للمشروع الإسلامي التي تتزعمه النهضة دون أن يشير إلى اسم الحزب.

ولا يخفي السلفيون مواقفهم.

رضى بلحاج، الناطق الرسمي باسم حزب التحرير، دعا بشكل علني "لسيادة الأمة الإسلامية". ويرى الحزب المحظور أن "الخلافة هي النموذج الأمثل والشريعة هي مصدر التشريع الوحيد الصالح لتونس وباقي العالم الإسلامي".

من جانبها رفضت وزارة الداخلية التونسية الترخيص لحزب التحرير. حزب العمال الشيوعي التونسي انتقد هذا الحظر على لسان زعيمه همة الحمامي الذي أبدى تأييده "السلفيون ومناضلو حزب التحرير الذين شاركوا بفعالية خلال المظاهرات الأخيرة لهم الحق في التعبير السياسي والتظاهر السلمي والمشاركة في الحياة العامة والتحول السياسي والاجتماعي الذي تشهده البلاد حاليا".

لكن النهضة وهو حزب مرخص له هو الذي يتعرض لضغط كبير من الحركة المتطرفة، فهذا الأخير يقتطع من قاعدته الشعبية. زعيمه الروحي راشد الغنوشي أجرى عدة مقابلات قبل اقتراع 23 أكتوبر.

وأمام ضغط السلفيين المنضوين تحت حزب التحرير، أصدر زعيم الحزب الإسلامي القانوني تحذيرا شديد اللهجة للقيادات الانتقالية بالبلاد جاء فيه "إنهم يعرفون جيدا أن حركتنا ستفوز بأغلبية الأصوات. لهذا تحاول الأحزاب إثارة الفوضى والعنف في البلاد فيما يحاول آخرون إفشال هذه العملية بالتزوير".

وعن حزب التحرير، قال زعيم النهضة "هذه الجماعات موجودة حتما، لكن ليس لديها وزن كاف لتكون مصدر قلق أو تغير معالم السياسة في تونس". 
وقال الغنوشي "ما قامت به هذه الجماعات كالاحتجاجات ضد نسمة لا يهمهم وحدهم كحركة بل هو احتجاج على الاعتداءات على الإسلام". ووصف منع النقاب بجامعة سوسة بأنه "اعتداء آخر على الحريات الشخصية".

وفي موقف ينسجم مع المتظاهرين السلفيين، قال الغنوشي "إذا كانت هناك عوامل أمنية تُجبر الناس على الكشف عن وجوههم، هذا جيد، لكن يحق للناس أن يختاروا ما يرتدونه".

وبعد يوم واحد من الانتخابات، اختلفت لهجة النهضة وسارعت إلى توجيه رسالة "لطمأنة الرأي العام الوطني وفي الخارج. وتعهد الحزب الإسلامي بنهج النموذج التركي في تونس. وفي كل مناسبة، يُذكّر الغنوشي أن كتبه هي من أبرز مراجع النموذج التركي.

أما الشارع التونسي، فما يزال منقسما حول مركز الإسلاميين في السياسة ما بعد بن علي.


موقع مغاربية كلّف مراسلين محليين تحرير هذه المادة


0/Post a Comment/Comments