صواب الرؤية التونسية

مرة أخرى أثبتت المقاربة التونسية نجاعتها وصواب رؤيتها السياسية والاقتصادية، فرغم الأجواء العالمية العاصفة ورغم الهزات الدولية الصاخبة ورغم المتغيرات المتسارعة التى أحدثت شروخات واهتزازات على المستوى الدولى فان تونس نجحت بفضل مقاربتها السياسية للتطورات العالمية فى الحفاظ على ثوابتها من أجل ترسيخ قيم الحرية والعدالة والديموقراطية وحقوق الانسان وكذلك بفضل الخيارات الصائبة لقيادتها السياسية التى تسعى ومنذ تغيير السابع من نوفمبر لإرساء تلك الثوابت والمبادئ بعيدا عن المزايدات والمهاترات التى لا تنفع.واعترف بذلك المجتمع الدولى من خلال مؤسساته الاقتصادية وهياكله المالية ومنظماته السياسية والانسانية، كما جاءت شهادات مختلف الشخصيات لتقيم الدليل على تلك النجاحات التى كان محورها الأول والأساسى الإنسان فهو الوسيلة والغاية فى كل الاعمال والانجازات التنموية التى دأبت تونس على تحقيقها.ومثل ما حصل أثناء الهزات القوية التى شهدتها الارتفاعات القياسية لأسعار النفط على المستوى العالمي، وأثناء أزمة الغذاء السابقة، استعدت تونس اليوم لمجابهة مضاعفات الأزمة المالية التى تعيشها أسواق المال والبورصات العالمية ونجحت فى حماية هياكلها ومؤسساتها الاقتصادية واستطاعت أن تثبت أن مقاربتها للتنمية متميزة وأنها تعرف - بالاعتماد على ما اكتسبته من خبرة وتجربة - كيف تتعاطى مع هذه التطورات وتتفاعل معها بنجاح.إن النموذج التونسى فى التنمية شامل وله أبعاد تضامنية شاملة وهى التى تشكل أسسه الإستراتيجية التى تمنحه القدرة على الصمود والوقوف فى وجه كل التطورات العالمية الطارئة وذلك رغم ما تؤكده التقارير العالمية من أن ما يحصل هذه السنوات على المستوى الدولى ليس بريئا ولا يمكن أن تخفى أبعاده على احد، من حيث بصمات القوى الاحتكارية فى العالم التى تريد أن تكسر الأنماط العالمية السائدة لمزيد الكسب والربح فى وضع عالمى تطغى عليه مصالح الشركات الكبرى التى إذا أرادت أن تهيمن بواسطة الترفيع فى أسعار النفط نفذت ذلك وإذا أرادت أن تحدث الهزات المالية العالمية حققت ذلك أيضا وإذا أرادت أن تجوّع العالم سعت إلى ذلك بكل الطرق والأساليب ولا يهمها مصير الدول النامية والشعوب الطامحة إلى الحرية والعدالة والعيش الكريم.ولمواجهة هذه الخطط والأهداف الاحتكارية تبقى الأبعاد الإنسانية والتضامنية من الحلول الناجعة التى تهفو إليها شعوب العالم ومازال هناك من يسعى إلى نشرها كقيم ومبادئ من أجل ترسيخها وتعميمها، وبالإمكان إيجاد تجارب عالمية بوسعها أن تثبت للعالم أن التضامن والتآزر فى العالم بين الناس وبين الشعوب يمكن أن يمثلا الحل الأنسب لمواجهة التقلبات العالمية الشرسة. إن التجربة التونسية بأبعادها المحلية والإقليمية والعالمية يمكنها أن تمثل النموذج فى هذا المجال، فالتضامن الوطنى فى تونس والتضامن العالمى الذى نادى به الرئيس التونسى زين العابدين بن على والآليات الأخرى المتصلة بهما والتى تدعم التوجه التضامنى بين المواطنين وبين الشعوب كلها وسائل وحلول يمكن أن تفيد المجتمعات العالمية فى مواجهة الهزات الطارئة.
سليم الكراي

0/Post a Comment/Comments