المتاجرة بالشهائد

في عصرنا الحالي حيث طغت المادّة و غاب الضّمير أصبحت كلّ الوسائل المؤديّة للكسب السريع مشروعة، و منها المتاجرة بالشّهائد التي طالت أنبل المهن و أسمى الوظائف.
إذا استنفذ الموظّف عطلته السنوية فحصوله على عطلة إضافيّة لا يكلّفه مشقّة أو عناء إذ يكفيه إرسال من ينوبه إلى طبيب خاص ليمنحه عطلة مرض بسعر مناسب لا يتعدّى ربع أجرة الكشف الطّبيّ في أغلب الأحيان، و قد تتفاوت سعر الشّهادة الطّبيّة الممنوحة حسب مدّة الرّاحة المطلوبة، و أعرف طبيبا حال دخولك عيادته تجده بقاعة الاستقبال المرضى في انتظارك و بمجرّد أن تبادله التحيّة يسألك إن كان سبب الزيارة هو فحص طبي أو طلب شهادة طبية للرّاحة و ذلك لأن هذه الشهادة لا تتطلب الدّخول إلى غرفة الفحص إذ بإمكان حضرة الدكتور أن يسلّمك إياها من مكانه ربحا للوقت و اقتصارا للجهد، و نفس هذه الخدمة معروضة للتلاميذ و الطلبة المتقاعسين، فهم أيضا يحتاجون إلى هذه الوثيقة المكتوبة ذات الطلاسم السحرية لتبرير غيابهم عن الدّراسة.
أمّا إذا أردت أن توجّه ابنك المنقطع عن التّعليم إلى إحدى مراكز التكوين التي تشترط مستوى دراسيا معيّنا، فيكفي أن تتوجّه إلى مدرسة خاصّة و تدفع لها مقابل التّسجيل حسب المستوى المطلوب لتنال على إثر ذلك الشهادة المدرسيّة التي ستقتح لابنك طريق المستقبل على مصراعيه.
لكنّ إذا أردت الحصول على قرض لتمويل مشروع صناعي و طولبت بشهادة حرفية، فبإمكانك الحصول على شهادة عمل من أحد الحرفيين أو الاستعانة باثنين من الشّهود للادلاء بأنّك تمتهن هذه الحرفة منذ مدّة طويلة في انتظار من ييسّر لك تجاوز الاختبار المهني.
أخيرا لم يبق لي إلا أن أدعو الله القدير أن يرزقنا جميعا الشّهادة.

1/Post a Comment/Comments

  1. عند قراءتي للعنوان اعتقدت أنك ستتطرق لموضوع المتاجرة بالشهائد العليا.تدفع الملايين لكي تعطي قيمة و صلوحية لشهادتك العلمية.

    ردحذف

إرسال تعليق