الوصايا العشر للوقاية من مرض العصر


ارتفاع ضغط الدّم

يعدّ ارتفاع ضغط الدّمّ ( Hy-pertension ) من أكثر أمراض العصر الحديث انتشارا، و أكثرها فتكا بالنّاس بعد مرض تصلّب الشّرايين.
و تكمن خطورتــه فـــي أنّــه السّـبـب الرّئيسيّ لكثـيـر من أمراض القلـب و المـخّ و الشّرايين و الكلى، و أنّه إذا أهمل علاجه أدّى إلى مضاعفات خطيرة تتراوح نتيجتها بين العجز و الوفاة.
و ارتفاع ضغط الدّمّ مرض خبيث، يختار ضحاياه خلسة و يغتالهم فجأة، و لا يكاد يفرّق بين شابّ و كهل، و تبلغ المأساة أقصاها عندما نعلم أنّ مريض ارتفاع ضغط الدّمّ قد لا يشعر إطلاقا بأيّة أعراض في معظم الحالات، إلا عندما تحدث له إحدى مضاعفات المرض الخطيرة، و المتمثّلة في الأزمات القلبيّة أو السّكتات المخّيّة أو الفشل الكلوي.
ما هو ضغط الدّمّ ؟
يمكن تعريف ضغط الدّم الطّبيعي ( Blood pressure ) بأنّه القوّة أو الضّغط داخل شرايين الجسم الرّئيسيّة النّاتج من دفع القلب للدّم و مقاومة الشّرايين الطّرفيّة لمروره.
فالدّم المؤكسد يتدفّق من القلب نتيجة انقباض البطيّن الأيسر حيث يصل إلى الشّريان الأورطي أو الأبهر،و هو الشّريان الرّئيسي للجسم الّذي يتفرّع إلى شرايين عديدة تغذّي أجهزة الجسم المختلفة، و هذه لا تلبث أن تتفرّع بدورها إلى شرايين طرفيّة صغيرة، فشعيرات دمويّة دقيقة تتخلّل الأنسجة و الخلايا.
ثمّ يعود الدّم غير المؤكسد عن طريق الأوردة إلى القلب مرّة أخرى.
و الجدير بالذّكر أنّ ضغط الدّم يبدأ عاليا في الشّرايين و يقلّ تدريجيّا في الشّرينات فالشّعيرات، فالأوردة.
و الفرق في ضغط الدّم في هذه الأوعيّة الدّمويّة هو سبب دوران الدّم من القلب إلى الأنسجة ثمّ على القلب ثانيّة.
و يبلغ ضغط الدّم الشّرياني أقصى قمّته خلال انقباض القلب، و يهبط تدريجيّا في أثناء ارتخاء أو انبساط القلب.
و يُعبّر عن ضغط الدم برقمين:
الرّقم الأعلى يمثّل ضغط الدّم الانقباضي ( Systole ) و يشير إلى أقصى قيمة للضّغط أثناء الدّورة القلبيّة، و التي تصل إليها أناء انقباض البطيّن الأيسر بعد فتح الصّمّام الأورطي.

و الرّقم الأسفل أو الأدنى يمثّل ضغط الدّم الانبساطي( Diastole ) و يشير إلى القيمة التي يبلغها الدّمّ أثناء انبساط البطيّن الأيسر و غلق الصّمّام الأورطي.
و يصل ضغط الدّمّ الطّبيعي في الشّخص البالغ السّليم إلى 120/80 ملمتر زئبقي.
و لهذا نجد الطّبيب يوجز دائما التّعبير عن ضغط دم المريض في رقمين إذ يقول مثلا 140/90 قاصدا 140 مليمتر زئبقي ( ضغط انقباضي ) على 90 مليمتر زئبقي ( ضغط انبساطي ).
و على ذلك يمكن تعريف ارتفاع ضغط الدّمّ بانّه " الارتفاع المستمرّ أو الثّابت في ضغط الدّم الشرياني تحت ظروف من الرّاحة الجسميّة و النّفسيّة، بحيث يجب ألا يقلّ الضّغط عن 150/90 مليمتر زئبقي فيمن هم تحت الخمسين، و عن 160/100 مليمتر زئبق فيمن هم فوق سنّ السّتّين " .
لقد بذل الأطبّاء و العلماء جهدا كبيرا و قاموا بأبحاث علميّة عديدة خلال الخمسين سنة الماضية، لكشف سبب ارتفاع ضغط الدّم، و توصّلوا إلى تحديد نوعين من ارتفاع ضغط الدم:
- النوع الأوّل و يسمّى " ارتفاع ضغط الدّم الأوّلي " أي الّذي لا يعرف سببه، وهو النّوع الشّائع و الغالب – للأسف – و يمثّل أكثر من 90./. من مرضى ارتفاع ضغط الدّم.
- النّوع الثّاني فيسمّى " ارتفاع ضغط الدّم الثّانوي " و يمثّل نسبة ضئيلة لا تزيد عن 10 ./. من حالات ارتفاع ضغط الدّم، و ينتج من سبب مرضي معروف.
و في إطار الجهود العلميّة الحثيثة لكشف أسرار ارتفاع ضغط الدّم، يقوم العلماء حاليّا بمحاولة فصل الموروثات الجينيّة التي يُعقد أنّها مسؤولة عن حدوث المرض، بالإضافة إلى تحديد العوامل المشجّعة أو المحرّضة على ارتفاع ضغط الدّم مثل السمنة المفرطة، و ملح الطّعام،و الإسراف في تعاطي الكحول، و التّوتّر العصبي ... إلخ.

علاج ارتفاع ضغط الدّم:
لقد تغيّرت صورة مرض ضغط الدّم المرتفع في النصف الثاني من القرن العشرين بفضل اكتشاف عدد من الأدوية الفعّالة الخافضة للضّغط، و خاصّة مثبّطات الإنزيم المحوّل، و مضادّات الكالسيوم، و مضادّات مستقبلات الأنجيوتنسين، الّتي تساعد على خفض ضغط الدّم إلى معدّلاته الطّبيعيّة ممّا يضمن الوقاية من مضاعفات المرض، و على رأسها انفجار شرايين المخّ، و هبوط القلب، و القصور الكلوي.
هذا فضلا عن انّ الأثار الجانبيّة للعلاج بهذه العقاقير محدودة للغاية.
و يتعيّن على المريض قبل بدء العلاج بأدوية خفض الضّغط أن يتّّـبـع الإرشادات و الوصايا التي يعتمد عليها العلاج غير الدوائي.

الوصايا العشر للوقاية من ارتفاع ضغط الدّم:
إنّ مقولتنا العربيّة الشّهيرة: " درهم وقاية خير من قنطار علاج " كأنّما قد وجّهت خصّيصا لمرض ارتفاع ضغط الدّم الذي تزداد احتمالات الإصابة به في وجود ظروف مساعدة، و في الطّبّ الحديث ثمّة نوعان من الوقاية:
- الوقاية الثّانويّة، و يقد بها ما يجب على المريض عمله بعد إصابته بالمرض حتّى يحدّ من تطوّره، و يتجنّب مضاعفاته.
- الوقاية الوّليّة، ويقصد بها الوصايا أو الإرشادات التي يمكن عن طريقها منع حدوث المرض أصلا أو استئصاله من عالمنا، و يمكن تلخيص الوصايا بالآتي:
1- الفحص الطّبّي الدّوري الشّامل.
2- قياس ضغط الدّم بصفة دوريّة.
3- الاهتمام بالأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدّم.
4- الإقلال من ملح الطّعام.
5- اتّباع نظام غذائي خاصّ.
6- التّحكّم في الوزن، و التّخلّص من السّمنة.
7- ممارسة الرّياضة و زيادة المجهود الجسماني.
علما بانّ رياضة المشي الجادّ توصف بأنّها المشي السّريع الذي يجعلك تتنفّس بمشقّة إلى حدّ ما، و لكن يمكن في الوقت نفسه من التّحدّث بوضوح، لذا يجب على كلّ فرد منّا ان يخصّص وقتا لممارسة رياضة المشي ( أو أي رياضة يرغبها )، و ليكن ذلك أسبوعيا لمدّة 30 دقيقة في كلّ مرّة، و يمكن شراء حذاء ليّن، و اختيار مكان هادئ مناسب موفور الهواء، و البدء فورا في ممارسة رياضة المشي و التّوقّف فورا عن المماطلة أو التّسويف.
8- التّوقّف عن التّدخين.
9- تنظيم مرض السّكّري.
10- الاسترخاء و تجنّب القلق و التّوتّر العصبي الزّائد.

عن المجلة العربيّة

0/Post a Comment/Comments