الإطار الجغرافي لمدينة المهديّة

الإطار الجغرافي لمدينة المهديّة

* الموقع:

تقع مدينة المهديّة على السّاحل الشّرقي للبلاد التّونسية وتتّخذ موقعا متقدّما في الحوض الغربي من المتوسّط ممّا جعلها تكتسب مكانة إستراتيجية وعسكرية خاصة. وقد رسمت بأبعادها الجغرافية في طريقة اتصالها بالبرٌ هيئة "كفٌ متصلة بزند".[1] يتشكّل الزّند في الجانب الغربيّ من المدينة ويرد على هيئة مضيق محدود الاتّساع. على المستوى المجال الدّاخلي تفصل هذه المدينة بين مركزين استراتيجيين إذ تقع في نقطة محوريّة تقريبا على الطّريق الرابطة بين مدينتي سوسة وصفاقس.

خضع المجال الذي أحدثت داخله المدينة لتأثير عاملي الجغرافيا والتاريخ اللّذان اجتمعا ليجعلا الفضاء المذكور مقسّما إلى جانبين متبايني الخصائص، حيث يوجد قسمها الرئيسي في منطقة شبه الجزيرة المُحاطة بالبحر من جهات الشّمال والشّرق والجنوب، في حين امتدت الأرباض ومجالات التوسّع العمراني إلى ناحية الغرب من القسم الأوّل.

* الموضع:

تحتلّ شبه الجزيرة موقعا استثنائيا إذ جاءت على هيئة رأس متقدّم باتجاه الشّرق مما سهّل عملية انفتاحها على الحوض الشرقي للبحر المتوسط، أمّا من جانبها الغربي فقد شدّت إلى البرّ بواسطة برزخ محدود الأبعاد يمتد بين القبلة والجوف يضمن تواصل المدينة مع أرباضها وظهيرها الزراعي.

1- الخصائص الطبوغرافية:

تمتدّ منطقة المهدية على مساحة جغرافية محدودة نسبيا على ساحل البحر، يصل عرضها إلى 10كم من الشرق إلى الغرب و طولها حوالي 15كم بين الشمال و الجنوب، يتّخذ امتداد المدينة بصورة عامة اتّجاه من الشّرق إلى الغرب حيث يبرز على شاكلة خطين مقعّرين يتقاربان عند قمة ليشكلا من خلال امتدادهما شبه الجزيرة أين بنيت مدينة المهديّة.

تتّصل شبه الجزيرة بالبرّ من خلال مضيق رملي قليل الارتفاع حيث تتّجه طبوغرافية المدينة نحو الارتفاع كلما اتجهنا نحو الشّرق أين تتشكّل ربوتين متساويتين يقدر ارتفاعهما 25 م لينتهي إلى رأس شبه الجزيرة (رأس إفريقية).

يمكن تحديد أعلى نقطة من شبه الجزيرة في مستوى منطقة المنار على ارتفاع يناهز 29.3م وتأخذ القمّة في الانحدار لتميل إلى الانبساط التّدريجي في ناحية الغرب التي يصل فيها الارتفاع إلى 15.2م في منطقة رجّيش وينزل إلى ما تحت مستوى البحر في سبخة بن غياضة، وباستثناء هضبة زويلة (9م) فإنّ بقيّة المجال يتميّز بانخفاضه وامتداده العرضي باتجاه منطقة السّباخ[2].

2- الخصائص الجيولوجية:

ترتكز قاعدة شبه الجزيرة على طبقة صخرية من الكلس المتآكل بفعل أمواج البحر وهي تتميز بمحدودية ارتفاعها مع امتدادها على شاكلة سطح يختلف عرضه على طول الساحل، ينتهي حزام الصخور الذي يرسم محيط شبه الجزيرة بوصولنا إلى المضيق الذي يربطها بالبر حيث تتحول الطبقة الصخرية إلى أخرى رملية ممتدة باتجاه الغرب.

بصورة عامة تتميّز طبقات الصّخور بتجانسها حيث يعود أغلبها إلى الحقبة الجيولوجية الرابعـــة، و تصل هذه الصّخور إلى الحقبة الجيولوجية الثّالثة في المنطقة التي توجد إلى ناحية الغرب من شبه الجزيرة وتحديدا باتّجاه سيدي بنور.[3]

3- الخصائص الهيدرولوجية:

المجاري المائية: تتميّز الجهة بندرة الأودية وهي تقتصر على مجرى وادي المالح الذي يصبّ باتجاه سبخة المكنين، كما تظهر بعض المجاري الفرعيّة في السنوات الممطرة، من ناحية أخرى تشكلّ منطقة السّباخ مجالا لتجمع مياه الأمطار خاصة عند ارتفاع معدّلاتها على اعتبار خاصية هذه المناطق التي تتميز بانخفاض يصل إلى 10م تحت مستوى سطح البحر، أمّا داخل شبه الجزيرة فتكثر فيه الآبار والمواجل التي تغطي كامل المجال السكني والتجاري تقريبا.[4]

4- الرّياح والمناخ:

يتميّز مناخ المدينة باعتداله نظرا لوجودها على الساحل الشرقي للبلاد التّونسية أين يتأثر المناخ بعاملي اليابسة والبحر، غير أن تقدّم المدينة بأكملها تقريبا في البحر يرفع من درجات رطوبة الهواء كامل السّنة.

تبلغ حركة المدّ والجزر في الظروف العادية 40 صم وتصل إلى المتر مع الريّاح العنيفة، تهبّ هذه الأخيرة خلال فصلي الرّبيع والصّيف وتتّخذ اتجاها شماليّا غربيّا في حين تأتي في بقيّة الفصول من جهة الشّمال بالمقابل يكون السّاحل الجنوبي معرّضا لرياح الشّرق.

المراجع:

1 الحموي )ياقوت(: معجم البلدان، الجزء الخامس، بيروت، 1957، ص. 267.

2 (سبخة بن غياضة، سبخة الأندلس) و هي منطقة سهلية تتخذ شكل مثلث تحدها ربوة توجد على بعد 4.7كم غربي رأس إفريقية تتخذ اتجاه شمال – جنوب مع ميلان ضعيف نحو الشمال الشرقي وهي بذلك تشكل محدب ضعيف باتجاه رأس شبه الجزيرة.

Hannezo (C.)," Mahdia, Notes historique " in Revue Tunisienne, 1908, p. 365. 3

4 " وفي المهدية من المواجل العظام ثلاثمائة وستون غير ما يجري إليها من القناة التي فيها." البكري (أبو عبيد الله)، المسالك و الممالك، الدار العربية للكتاب، تونس 1992، الجزء الثاني، ص 682.


0/Post a Comment/Comments