كيف نستقبل رمضان ؟

بسم الله الرّحمان الرّحيم، الحمد لله الّذي كرّمنا بنعمة الإسلام، و كرّم شهر القرآن بنزول القرآن، و جعل صيامه ركنا من أركان الدّين، و الصّلاة و السّلام على خاتم الأنبياء و سيّد المرسَلين. أحبّتي في الله، السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته، و كلّ عام و أنتم بخير، و مرحبا بكم، و مرحبا بضيفنا المبجّل الكريم، شهر رمضان شهر ميلاد الإسلام الّذي تنزّل فيه الوحي على رسول الله الأمين في ليلة مباركة من لياليه، فاقترن رمضان بالقرآن و استحقّ بذلك كلَّ تكريم و تقدير و تعظيم، و يكفي أنّ الله العليّ الجليل عرّف رمضان بنزول القرآن، فقال: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } ( البقرة 185 ). عباد الله، عن سلمان رضي الله عنه قال: " حطبنا رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه و سلَّمَ في آخر يوم من شعبان، قال: [ يا أيّها النّاس أظلّكُم شهرُ عظيم مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، شهر جعل الله صيامَهُ فريضةً، و قيامَ ليلِهِ تطوُّعا ( أي نافلة تهجّدا )، من تقرّبَ فيه بخَصْلةٍ من الخير كان كَمَنْ أدَّى فريضة فيما سواه، و من أدّى فريضة فيه كان كمن أدّى سبعين فريضة فيما سِواهُ، وهو شهْرُ الصَّبْر ( حبس النّفـس و اقتصارها على طاعـة الله )، و الصّبر ثوابه الجنّة، و شهر المواساة ( أي الإحسان و مدّ يد المساعدة )، و شهرٌ يُزادُ في رِزْقِ المُؤْمن فيه، و منْ فطَّرَ فيه صائما كان مغْفِرَةً لذُنُوبِهِ، و عِتْقَ رقبَتِهِ من النّار، و كان له مثْلُ أجْرِهِ مِنْ غير أنْ ينْقُصَ من أجْرِهِ شيءٌ. ] قالوا: " يا رسول الله، ليس كلُّنا يَجِدُ ما يُفَطِّرُ الصّائـمَ "، فقال رسولُ الله صلّـى الله عليـه و سلّم: [ يُعْطي الله هذا الثّوابَ من فطّر صائما على ثمرةٍ، أو شربةِ ماءٍ، أو مَدَْقة لبنٍ، وهو شهر أوّله رحمة، و أوسطُهُ مغْفِرة، و آخرُهُ عتق من النّار ] ( رواه ابن خُزَيْمة في صحيحه من طريق البيهقي ) - و عن أبي هريرة رضِيَ الله عنه أنّ الرّسولِ صلّى الله عليه و سلّم قال: [ إذا جاء رمضان فُتِّحتْ أبوابُ الجنّة، و غُلِّقتْ أبْوابُ النّارِ، و صُفِّدت الشّياطين ] ( رواه البخاري و مسلم ) فرمضان إذا فُرْصةٌ عظيمة لنا لِنُقْبِل على الله تعالى بالطّاعات بكلّ عزيمة و هِمّة حتّى نفوزَ بِرِضاء الله و الجنّة فاللهمّ أعِنّا على طاعتك و حسن عبادتِك، وّ ارض عنّا و أدخلنا الجنّة! - عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: " سمعت رسولَ الله صلّى الله عليه و سلّم ذات مَرَّةٍ، و أهلّ رمضان فقال: [ لو يعلمِ العِبادُ ما رمضانُ لتمنّتْ أُمّتي أن تكونَ السّنَةُ كلّها رمضان ] لنتعرّف الآن على ثواب رمضان، مِنْ خلال ما جُمِع مِنْ بَعْضِ الآياتِ القرآنيّة الكريمةِ، و مِن بعض الأحاديث النّبويّة الشّريفة، و يتلخّص ثواب رمضان في ستّة أشياء: 1. مغفرة الذّنوب: أي كلّ الذّنوب الّتي ارتكبناها و مهما كثُرَتْ تُغْتَفرُ بإذن الله الغفور الرّحيم، و الدّليل على ذلك حديث النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم، الّذي أورده البُخاري في صحيحه: [ مَنْ صامَ رمضانَ إيمانا و احتسابا غُفِرَ لهُ ما تقدّم مِنْ ذنْبِهِ ]، أي أنّ مغفِرَةَ جميعِ الذُّنُوبِ لا تتحقّقُ إلا إذا كان الصّومُ بِدافِعِ التّصْديقِ، و طلبِ الأجْرِ في الآخرةِ، و السّعْيِ إلى مرضاةِ الله تعالى، أي لا نفْعَ لِمَنْ جعلَ صيامَهُ عادةً مِنَ العاداتِ يكتفي فيها بالكَفِّ عن شهوتي البطـن و الجنس فحَسْبُ. قدْ يسْاَلُ أحَدُنا: " هل أُحْرَمُ مِنْ هذا الفضلِ، أي المغفِرَةِ مِنْ جميع الذّنوب إذا لم أصُمْ كامِلَ رمضانَ إِيمانا و احتِسابا ؟ " الرّسول صلّى الله عليه و سلّم لم يترُكْ هذا السّائلَ الّذي استكثر صومَ كامِلَ رمضان إيمانا و احتسابا في حَيْرَةٍ مِنْ أمْرِهِ، فأعْطاهُ فُرْصَةً ثانيةً للحُصُولِ على المغفرة الكاملة، حيث قال صلّى الله عليه و سلّم: [ من قام رمضان إيمانا و احتسابا، غُفِرَ لَهُ ما تقدّم مِنْ ذَنْبِهِ. ]، فلْنعْزِمْ إذا على صلاة التّراويح كامل رمضان إيمانا و احتسابا حتّى تُمْحَى صفحةُ ذُنوبِنا بعد شهر رمضان ! لعلّ مِنّا الآن من تبادر إلى ذهنه هذا السّؤال" إذا فاتتني ليلة أو أكثر لم أؤد فيها صلاةَ التّراويح، أو لم يكُنْ أدائي لها على الوجه الّذي يَرْتَضيه الله، فهل أحرَمُ من مغفرة الله التّامّة لما اقترفته من ذُنوب ؟ " نقول لهذا السّائل: لا تيأس من فضل الله ما دُمْتَ عازما على الإخلاص لله، فها أنّ النّبيّ الكريم الّذي بعثه المولى جلّ و علا رحمة للعالمين يقول لنا في نفس الحديث: [ من قام ليلة القدر إيمانا و احتسابا غُفر له ما تقدّم مِنْ ذنْبِه. ] و ليلة القدر تكون في العشر الأواخر، نسأل الله العفوَّ الكريمَ أن يمنّ علينا فيها بعفوه و كرمه. 2. العتق من النّار: يمكن أن يجعلَك الله من المعتوقين من النّار في شهر رمضان هذا، حتّى و إن اقترفت ذُنُوبا و معاصي بعد رمضان، و لا تعيش رمضان الموالـي، يقول الرّسول صلّـى الله عليـه و سلّم في هذا الشّأن: [ و لله عتقاءٌ من النّار في رمضان و ذلك كلّ ليلة ]. ففي كلِّ ليلة مِنْ ليالي رمضان ستُسجّل الملائكةُ أسماء بعض عباد الله ضمن قائمةِ المعتوقين من النّار، فمن يدري الآن لعلّ من بيننا هذه اللّيلة من كُتِبَ لهم العتقُ من النّار جعلني و إيّاكم من المعتوقين من النّار. · من يجعلهم الله من المعتوقين من النّار؟ إنّ الله العليم بما في الصّدور ينظر إلى قلوب عباده، فيختار منهم الأتقياء و الأشد حرصا على التّقرّب من الله و مرضاته، بقطع النّظر عن مدى تفقّههم في الدّين، فمن الممكن أن يكون أوّل المعتوقين من النّار هذه اللّيلة أحد الحاضرين الّذين تعلّقت به الكثير من الذّنوب، و عاهد الله هذه اللّيلة أن يلتزم التزاما صادقا بالتّقوى، و الإقبال بكلّ إخلاص على طاعة الله. فالعتق إخوة الإيمان هو الضّمان من عدم دخول النّار على الإطلاق، فإن كان الكريم من النّاس إذا أعتق عبدا مملوكا من الرِّقِّ و العبوديّة و أعاد له حُرّيتَه يستحيل أن يتراجع في قراره و يُعيد العبدَ إلى الأسر، فإن كان هذا حال الإنسان الكريم، فما بالك بالله المتّصف بالكرم المطلق إذا أكرم على عبد من عباده و جعله من العتقاء ؟ قد يسأل أحدُنا: " كيف يقْبَلُني الله من المعتوقين من النّار، مع أنّه يمكن لي أن أرتكبَ ذنوبا بعد رمضان ؟ و الإجابة أنّ الله العليم الخبير يعلم أنّك ستخطِئ و ستُذْنِبُ، لكنّ العتق من النّار سيجعل حسناتِكَ أكثرَ مِن سيّئاتِك، و طاعتَكَ تَفوق معاصيكَ. 3. إغداق الله الثّواب عى عبدِه: فالغُفران و العتق من النّار لا يضمن لك أن تتبوّأ في الجنّة المراتب العاليّة، فلبلوغ المنازل العاليّة في الجنّة عليكَ أن يكون لكَ رصيد ضخم من الحسنات، لذلك نرى أنّ الله يجْزِل العطاءَ، و يهبُ لكَ كنوزا وافرة من الحسنات إذ ورد عن النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم قولُهُ: [ منْ تقرّب فيه إلى الله بِخِصْلة منْ خصال الخير، كان كمن أدّى فريضةً في ما سواه، ومن أدّى فيه فريضة كان كمَن أدّى سبعين فريضة في ما سواه ]، فإن كانت صلاة الظّهر مثلا بِحَسَنَةٍ و الحسنة بعَشْرِ أمثالها، فإنْ أدّيْتَها في جماعة في غير شهر رمضان تكون 27*10 أي 207 حَسنة، أمّا في شهر رمضان اضرَبْ هذا العدَدَ في سبعين ضِعْفا، فيُصْبِحُ عددُ الحسنات 270*70 أي 18900 حسنة. هذا ثواب مَنْ صلّى صلاةً واحِدة جماعة في رمضان، لكن إذا أدّى المُصًلِّي الصّلوات الخمسَ في المسجد فيكون بالتّالي عددَ الحَسَنات 94500 حسنة أي ما يقارب 100 ألف حسنة، أي تنال جزاء مَنْ أدّى صلاةً في الحَرَمِ المَكِّيّ. إذا في كامل شهر رمضان يُمْكِنُ أن تحْصُلَ على 3 ملايين من الحسنات من الصّلاة فقط. أمّا إذا أضفْتَ ثوابَ قراءة القرآن تذكّرْ قول النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم: [ من قرأ حرْفا من كتاب الله فله حسنة و الحسنة بعَشْرِ أمثالِها، لا أقول ألم حرف، و لكن ألف حرف و لام حرف و ميم حرف ] ( رواه التّرمذي ). و احسب عدد الحسنات الّتي ستنالها من قراءة جزء واحد، فسيكون الحاصل 4 ملايين و 900 ألف حسنة في وقت لا يتجاوز 45 دقيقة باعتبار أنّ الجُزْءَ الواحِدَ يشمل ما يعادل 7 آلاف حرف. و بالقياس على ذلك يمكن حسابَ ثوابِ الصّدقةِ أو طاعةٍ أُخرى لِتَعْرِفَ مدى كرمِ أكْرمِ الكُرَماء. لكِنَّ ثوابَ الصّيام لا يُمكنُ لأيِّ أحَدٍ منّا معرفتُهُ، لماذا ؟ لأنّ الله تبارك و تعالى يقول: [ ( الصّوم لي و أنا أجزي به ) ] ( رواه البخاري ) فوعْدُ الله للصّائم لا محدود، لأنّ الصّومَ هو العبادة الوحيدة من سائر العبادات الّتي لا رياء فيها، و بالصّوم فقط ينسلخ الإنسان من غريزتي الجنس و الأكل مرضاة لله تعالى، لذلك سيكون أجْرَ الصّائمِ ما لا عين رأت، و لا أذُن سمِعت، و لا خطر على قلْبِ بشر. 4. استجابة الدّعاء: يقول صلّى الله عليه و سلّم: [ و للصّائم عند فطره دعوة لا تُرِدّ ]، فالدّعاء له علاقة شديدة برمضان كما يتّضح في آخر آية من آيات الصّيام بسورة البقرة: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون} ( البقرة 186 ) و بما أنّ شهر رمضان شهر يُسْتجابُ فيه الدّعاءُ، فليُحَدِّدْ كلُّ صائمٍ منّا مجموعة مُحَدَّدَةً من الأدعيّة لشهر رمضان الحالي، و يركِّزْ عليها، و يلِحَّ في الدّعاء بها عند صومه و إفطـاره و قيامه و سجوده و ركوعه طوال الشّهر، و سوف يستجيب الله دعاءَهُ قبل حلول الشّهر الموالي إن شاء الله. 5. ليلة القدر: وهي ليلة خصّ بها الله تعالى أُمَّ’ الإسلامِ دون سائر الأمم، و بارك فيها فقدّرها خير من ألف شهر لما شملته من خير و بركة، إذْ فيها نزل القرآنُ فارقا بين الحقّ و الباطل، و ثواب مَنْ تعبّد في هذه اللّيلة لا يضاهيه أيُّ ثوابٍ، و هذا يعني أنّ مَنْ قامَ هذه اللّيْلةَ كَمَنْ قامَ اللّيلَ طيلة 83 سنةً بدون انقطاع، و نزولُ دَمْعَةٍ واحدةٍ في هذه اللّيلة خِشْيَةً من الله يعني نزولَ سيل من الدّموع، و الصّدقة الواحـدة فـي هذه اللّيلـة لا يقِـلُّ ثوابُهـا عـن 83 سنـة تصدّقٍ، و قُبْلَةُ واحدة على جبين الأمّ تعادلُ 83 سنة من البِرِّ المتواصل بها. 6. فرح الله بعباده الصّائمين: إنّ أكبر ما يطْمَحُ إليه المُؤْمِنُ في رمضان هو الفوز برضاء الله تعالى إلى درجة أنّ الله يباهي بمن رضي عنه مِن عبادِهِ ملائكته، فيقول اللّه عزّ و جلّ إلى ملائكتِه: { " انظروا يا ملائكتي لِعَبْدي تَرَكَ طعامَهُ و شرابَهُ و شهْوَتَهُ مِنْ أجْلي، أُشْهِدَكُمْ يا ملائكَتي أنّي غفرْتُ لِعَبْدي! ] أحباب الله ! اعلموا أنّ العِتْقَ مِنَ اللهِ لا يَضْمَنُهُ صوْمُ البَطْنِ عن الطّعامِ، و لا صَوْمُ الفرْجِ عن الجِنْسِ فحَسْـبُ، بـلْ صومُ جميـع الجوارحِ عـن المُحَرّماـتِ كَصَوْمِ اللّسانِ عـن الكـذبِ و النّميمةِ، و صَوْمِ العيْنِ عن النّظر إلى المُحرّماتِ، و صوْمِ اليد عن البطْشِ...إلخ. فرسول الله صلّى الله عليه و سلّم يقول: [ منْ لم يدعْ قوْلَ الزُّورِ و العمَلِ بهِ فليسَ لهُ حاجةٌ في أنْ يَدَعَ طعامَهُ وَ شَرَابَهُ. ] ( البخاري ). إخوَةَ الإيمان ليجْعَلَ كلّ واحِدٍ مِنَّا شِعارَه طِوالَ شَهْر رمضانَ هذا: " سأعبُدُكَ يا ربِّ كما لمْ أَعْبُدُكَ مِنْ قَبْل " أحباب اللّه، إذا مَنّ الله عزّ و جلّ علينا بكرمه و إحسانه بالجزاء في رمضان بالأشياء السّتّة الّتي بيّنّاها وهي مغفرة الذّنوب و العتق من النّار و إغداق الثّواب و العتق من النّار و استجابة الدّعاء و ليلة القدر و فرح الله بعبده، فلْنتّفِقْ و لْنَلْتَزِمْ بستّة أشياء مُقابل هذه الأشياء السّتّة الّتي سنُجْزى بها إن شاء الله، و سنقتبس على ما سنتّفق عليه مِنْ بنود من السّنّة النّبويّة الشّريفة: 1. أداء الصّلوات الخمس جماعة في المسجد طيلة شهر رمضان. 2. صدقة يوميّة اقتِداء بالنّبيّ صلّى الله عليه و سلّم، فعن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: " كان النّبيُّ صلّى الله عليه و سلّم أجودَ النّاس بالخير، و كانَ أجْوَد ما يكون في رمضان ". و الجود أعزّكم الله أرفعُ درجات الكرم، فليخرج كلّ مِنّا كلّ يوم م جزءا ممّا نوى التّصدّقُ بِهِ شهر رمضان. 3. صلة الرَّحِمِ أو بِرِّ الوالدين: كلّ واحد فينا يخصّص زيارة إلى أحد الأقارب، أو يبِرُّ والديْه حتّى بِهَدِيّة أو بكلمة طيّبة أو بالدّعاء لهما. 4. دعاء يومي: فيكفي أن يركّز كلُّ واحدٍ فينا على دُعاءين، دُعاء بالعتـق مـن النّـــار، و دُعاء بنهضة أمّة الإسلام. 5. ختم القرآن خلا صلاة التّراويح. 6. عمل إيجابي يوميّا أي عمل خير كهداية أحد إلى الصّلاح، و حثّـه علــى طاعــة الله و التّباع تعاليم الدّين. أيّها الأحبّة في الله، إنّ رمضان بالنِّسبة لقلوبنا موسم الشّتاء للأرض، فكما تمدّ أمطار الشّتاء الأرض بالطّاقة المساعدة على إخصاب الأرض و الإنبات، فرمضان يعطينا طاقة روحيّة إيمانيّة كافيةً لتغذية نوازع الخير فينا إلى غاية رمضان الموالي، فلنحرِصْ جميعا بقدر الإمكان على شحن طاقتنا الإيمانية في هذا الشّهر بالإقبال على الطّاعات و التّزوّد بالتّقوى حتّى ننالَ سعادَةَ الدّارين الدّنيا و الآخرة. إخوة الإيمان أختم بهذا الحديث النّبوي الشّريف الّذي يحُثّنا على الإقبال على الطّاعات. فعن عبادة بن الصّامت رضي الله عنه أنّ الرّسول صلّى الله و سلّم قال يوما و حضر رمضان: [ أتاكُم رمضان شهرُ بَرَكَةٍ يغشاكُمُ الله فيه ( أي يحيطكم برحمته )، فيُنْزِلُ الرّحمة، و يَحُطُّ الخطايــا، ( أي يغفر الذّنوب ) و يستجيــب فيـه الدّعـاء، و ينظـر الله تعالـى إلى تنافُسِكُـم، و يُباهي بكم ملائكتَهُ، فأروا الله مِنْ أَنْفُسكم خيرا ( أي العبادة و عمل المحامد و المكارم ) فإنّ الشّقِيّ ( المعذّب ) من حُرِم فيه رحمة الله عزّ و جلّ ] ( رواه الطّبراني ) فلننتهز الفرصة أيّام رمضان المباركة و نقبل على الطّاعات و الأعمال الصّالحة، حتّى نَدْخُلَ الجَنَّةَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ الّذي خصّ به الله تعالى الصّائمين، حيث قال صلّى الله عليه و سلّم: [ إنَّ للجَنَّةِ بَابًا يُقالُ لَهُ الرّيّانُ، يُقالُ يوم القيامَةِ " أينَ الصّائمون ؟ فإذا دخل آخِرُهُمْ أُغْلِق ذلك البابُ ] ( البُخاري و مسلم ). ــــــــــــــــــــــــــــــــــ · يا ذا الجلال و الإكرام أهِلَّ علينا رمضان باليُمْنِ و الإيمان، و السّلامـة و الإسـلام، و التّوْفيقَ لما تحبُّ و ترضى. · إلاهنا و سيّدنا و مولانا، نسألك إيمانا دائما، و قلبا خاشعا، و بدنا على طاعتك صابرا، و لسانا ذاكرا خاشعا. · اللهمّ اجعلنا نخشاك كأنّنا نراك، و أسْعِدْنا بتقْواكَ،و لا تُشْقِنا بمعصيتك. · اللهمّ أغنِنا بالعلم،و زيّنَّا بالتّقوى، و و علِّمنا ما ينْفَعُنا، و زِدْنا عِلْما. · ربِّ اغفِرْ و ارحم و أنْتَ خيرً الرّاحمين · و آخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين و سلام على المرسلين.

0/Post a Comment/Comments