اللحية عند العرب

أحب العرب والمسلمون اللحية واحترموا أربابها وعنوا بتمشيطها وترجيلها وخضبها، واعتبروها مظهراً من مظاهر الوقار، وشعاراً من شعارات رجال الدين. ولأنهم أحبوها هذا الحب، وقدسوها هذا التقديس، كرهوا من يستغلونها ويوارون جهلهم وسوء خلقهم خلفها، كما هو الحال اليوم وفي كل يوم. من أجل هذا نجد في شعر الأقدمين سيلاً من الشعر يسخر من اللحية، ويتفكه بأصحابها، فينعتهم حيناً بالغباء وحيناً بالحمق والجهل.
فهذا ابن الرومي يهجو لحية أحدهم:
إن تَطُلْ لحية عليك وتعرض === فالمخالي معروفة للحمير
علّق الله في عذاريـــك مخـــلا === ة ولكنها بغير شعير
لو غدا حكمها إلي لطارت === في مهب الرياح كل مَطِير
ألقها عنك يا طويلةُ أولا === فاحتسبها شرارة في السعير
لحية أهملت فسالت وفاضت === فإليها تشير كف المشير
فاتق الله ذا الجلال وغيّر === منكراً فيك ممكن التغيير
أو فقصّر منها فحسبك منها === نصف شبر علامة التذكير
لو رأى مثلها النبي لأجرى === في لحى الناس سنة التقصير
واستحبّ الإخفاء فيهن والحلق === مكان الإعفاء والتوفير
وللبهاء زهير قصيدة من أطرف ما قيل في التهكم باللحى والسخرية منها:
وأحمق ذي لحية === كبيرة منتشرة
طلبت فيها وجهه === بشدة فلم أره
معروفة لكنه === أصبح فيها نكره
ثورٌ غدا أعجوبةً === بلحية مدوره
لو كان ذاك الثور عجـ === ـلاً عبدته السّمِره
تباً لها من لحية === كبيرة محتقرة
عظيمة لكنها === ليست تساوي بقره
كم قرية للنمل في === حافاتها ومقبره
يُقسم عُشْر عشرِها === يكفي رجالاً عشرة
يحسدها الخنزير إذ === يبصرها منتشره
ويشتهي لو أنه === يملك منها شعره
قد نبتت في وجهه === فوق عظام نخره
كأنها سحابة === فوق البلاد ممطره
قد تركت صاحبها === منها بحال منكره
إذا خطت أقدامه === كانت بها مبعثره
وإن مشى رأيت فو === ق الأرض منها غبره
مضحكة ما كان قط === مثلها لمسخره
فلو مضى السوق بها === وزفّها بالمزمره
لحصلت له مثـ === ـل ضيعة موقره

0/Post a Comment/Comments