من أسماك المهديّة



كلّما ذكر اسم المهدية خارجها إلا و ذُكِر البحر و الأسماك معها و ذلك لأنّ صلة أهالي المهدية بالبحر صلة وثيقة لا تنقطع،فهم عرفوا البحر و عرفهم منذ القدم، إذ أنّ البحر يحيط بالمهدية و يحتضنها بذراعيه كما يحتضن العاشق الولهان حبيبته.
و المهدويين يستمدّون غالب قوتهم من الأسماك المختلفة التي يجود بها عليهم البحر، و من هذه الأسماك التي اشتهرت بها المهدية:
* القاروص: وهو سمك جميل الشكل لذيذ الطعم يتراوح وزنه بين نصف الكلغ و سبعة كلغ، و لا يأكله أغلبية المهدويين إلا مطبوخا بالمحمّص أو يعدّون به الكسكس.
و يتمّ صيد القاروص في فصل الشّتاء حين اشتداد البرد، وخاصّة عندما يكون البحر في حالة هيجان، و يصطاد القاروص بطرق شتّى كالشّصّ و الخيط أو بالشباك و نحوها من الوسائل العصرية، و يصل شغف و ولع بعض الموظّفين باختلاف رتبهم من هواة صيد هذا النوع من السّمك بأن يجعل العطلة السّنوية تتزامن مع فترة الصيد، و يقضّي الواحد منهم الساعات الطوال على حافة البحر منتظرا غمز صنارته لعلّه يظفر بواحدة من سمك القاروص عزيز المنال الذي لا يقدر على شرائه إلا الميسورون لغلاء ثمنه.
كان المهداويون في الماضي القريب يحبّذون طبخ القاروص بعد تركه ليلة في الهواء البارد، معلّقا على جدار، وهو ما يؤكّده المثل الشّعبي المحلّي " القاروص إذا باتْ اٍهْديهْ للبايات " .
* سمك الوراطة:
الوراطة هي ضرب من السّمك يتمّ صيده في فترة زمنية محدّدة قبيل اشتداد برد الشّتاء أي بين شهري نوفمبر و ديسمبر، و قبيل ظهور سمك القاروص، و سمكة الوراطة مفلطحة في حجم كفّ الإنسان و وزنها لا يتجاوز غالبا مائتي غرام، أمّا إذا تجاوز ذلك تصبح " جرّاف "، و طعم الوراطة لذيذ مهما تنوعت طرق طهيه لكن أقل لذّة من طعم القاروص، و تصطاد الوراطة بالخيط و الشّصّ أو بالشّباك.
* المِجْل: وهو نوع آخر من الأسماك الجيّدة يتمّ صيده في شهر أكتوبر بالخصوص، و يسمّى في العاصمة " الصفراية " و ذلك لوجود نقطتين ذاتي لون أصفر في جهتي رأس السّمكة، و في منطقة الشّابّة يعرف بـ " النّميلة ".
يِؤْكل سمك المجل مطبوخا أو مقليا أو مشويا، غير أنّ معظم أهالي المهدية يفضّلونه مشويا بطريقة تقليديّة أي على كانون الفحم.
يعتبر سمك المجل هديّة قيّمة من الشّاب المهداوي إلى خطيبته و خاصّة إن كان مرفوقا بعرجون بلح " لمسي " المستورد من الجنوب التونسي، غير أنّ هذه العادة بدأت تتلاشى رغم أنّ بعض البحّارة مازالوا متمسّكين بها.
يتمّ صيد سمك المجل بطريقتين، إمّا بالطّرّاحة وهي شبكة صغيرة يحملها الصّيّاد على كتفه، وهو يجوب الشّاطئ ، و حين يبدو له سربا من سمك المجل يسرع بطرح شبكته عليه فيوقعه فيها، أو يتم صيده بطريقة أوسع عند التوغّل قليلا في البحر بزورق صغير يعبّر عنه بـ " شكيف " مستعملين الشباك.
يفقد سمك المجل طعمه اللذيذ عند رجوعه أي عند توجّهه إلى جهة الشمال حيث يبيض، و المهداويين لهم دراية و خبرة في انتقاء الجيد من سمك المجل في الأسواق و يميلون في الغالب إلى الأنثى منه لما تحمله في جوفها من بيض، فتراهم يتلمسون السمك بأناملهم و يضغطون على على جوفها للتّأكد من وجود البيض، و هناك القليل من يفضّل الذكر على الأنثى بدعوى أنّه ألذّ طعما من الأنثى.
* المسلّة: وهو سمك مشهور جدًّا بالمهديّة و يتميّز بطوله و نحافته، وهو شبيه إلى حدّ بعيد بمغزل النّسّاج، لونه أزرق و له منقار طويل، و يفضّل أكله بالكسكس و القرع و الفلفل الأخصر، كما يؤكل مقليا مع البطاطس و صالصة الطماطم.
تظهر المسلّة خاصّة في فصلي الصيف و الربيع.
* المرجان: سمك يشبه بعض الشيئ الوراطة من حيث الشّكل فقط إلا أنه ذهبي اللون بينما سمك الوراطة فضّي مع ميل للزرقة.
يصطاد المرجان بالخيط و الصّنّارة و يصطاد كذلك في أعماق البحر بـ" الكركارة" وهو مركب صيد ضخم، إلا أنّ السّمك المصطاد بالصّنّارة يكون ألذّ طعما،و يستحسن أن يؤكل سمك المرجان مطبوخا مع الكسكس و القرع.
* الشّلبة: سمك في حجم كف اليد أزرق اللون تتخلّله خطوط صفراء، و يظهر خاصّة في فصل الصّيف مع ظهور غلّة العنب و لذلك يقال: " الشّلبة و أُمَّيّة العِنْبة " تؤكل مشوية و مقلية و مطبوخة و إن كان الأغلبية يفضلونها مشوية، و هناك من يتجنّب أكل الشّلبة لأنها ترعى حشيشة بحرية خضراء مبنّجة.
* السردينة و السّكمري: وهو من السمك الأزرق و يصطاد بكميات وافرة في فصل الصيف، لذلك يعتمده الكثيرون من المهداويين كغذاء أصلي في فصل الصّيف، لأن سعره يبقى في متناول الجميع، و يتم طهيه بمختلف الطرق.
* الجرّاف: من نفس فصيلة سمك الوراطة إلا أنه يوفقه حجما.
* كطاط البحر: سمك طويل مستطيل الرأس جلده حاد، لذلك يتم سلخه قبل بيعه و يقطّع قطعا، لحمه أبيض يقلى و يعدّ به " متّاومة " وهو نوع من الأطعمة التي يكثر فيها استعمال الثوم.
* الوزف: سمك أزرق اللون صغير جذّا لا يتجاوز الإصبع يقلى و يطبخ بالكسكسي.
* التريلة: سمكة حمراء اللون من السمك الأبيض حجمها في حجم السردينة، و تشوى في أغلب الأحيان.
* الصبارص : سمك أقل حجما من كف اليد مفلطح، لونه بين الزرقة و البياض أحسن ما يؤكل مرقة، وهو الأكلة المفضلة لأهالي صفاقس حيث يقولون: " مرقة صبارص و الليم القارص و الخبز فنادر فنادر".
* البلاميط: سمكة شديدة الزروقة كثيرة الدم لا تستعمل إلا مقلية.
* المنّاني: سمك كبير الحجم يباع مقطّعا، و يستهلك عادة مكبوخا بالكسكسي.
* اللمبوكة: سمكة زرقاء لذيذة تصطاد آخر الصيف قبل ظهور المجل، ظهرها منقط، وهي لا تتحمل الحرارة لذلك ينصب لها الصيادون كمينا بوضع سعف النخل لتستظل به.
هذه بعض الأسماك التي يستهلكها أهالي المهدية حسب الفصول و المواسم، و كل نوع منها له طعمه الخاص و طريقة إعداده و تقديمه التي تختلف من جهة إلى أخرى.

1/Post a Comment/Comments

  1. salam, ya3tik isa7a ama yrit kan 7atit photo lkol 7otta wkamelt 7attit idandi9 ,jaghali; ,ilmankouss ,l7ssira)dorad( calamar serr belem........... merci

    ردحذف

إرسال تعليق